زينة المرأة في المنزل.. هذا الأمر الذي بات منسيًّا، وأصبح العادي هو التزيُّن خارجه، لتفقد المرأة إحساس زوجها بها، حتى وإن شعر بها الآخرون.
فالمرأة لا تُلام على حب الزينة والتزين، بل إن ذلك مطلوب منها شرعًا، وهي مأمورة به بمثل قول النبي: "إن نظر إليها سرَّته" ولولا الزينة لما رغب رجل في امرأته، ولكن المطلوب في الزينة هو عدم المبالغة، والتوازن بين الاهتمام بالظاهر والاهتمام بالباطن، إلا أن كثيرًا من نساء اليوم غلبن جانب الاهتمام بالمظهر على سواه.
فالمرأة واجبها أن ترتدي الملابس التي تنمُّ عن اهتمامها بمظهرها وبأنوثتها خاصة في بيتها ومملكتها التي يجب أن تجعل منها واحة ظليلة تستقبل فيها زوجها وأبناءها بالبشر والترحيب.
مدلول نفسي
ارتداء الملابس الجميلة المبهجة في المنزل ليس المقصود منه لفت النظر أو الاستعراض ولكن له مدلول نفسي يشير إلى قناعة الزوجة بحياتها ورضاها بها كما تقول د. تهاني عثمان منيب (أستاذ الصحة النفسية والتربية بجامعة عين شمس) والتي تؤكد أن ملابس المرأة في بيتها لها مواصفات أهمها أن تسرَّ النظر وتثير الإعجاب ولا يهم أن تكون تبعًا للموضة ولكن يشترط فيها أن توفر لها الراحة فتتحرر من قيود ملابس الخروج لدي عودتها من العمل كالحزام والبنطلون الذي يضغط على معدتها والجاكت الذي يقيدها فتكون مدعاة لشعورها بالتوتر والضيق ويفسد مزاجها.
ويمكنها استبدال ملابس العمل أو الخروج -إذا لم تكن تعمل- بارتداء تريننج قطني أنيق متناسق الألوان ويوفر لها الراحة وسهولة الحركة في نفس الوقت أو فستان خفيف بحمالات وقصات انسيابيَّة توحي بأنها أكثر نحافةً وطولا أو فستان بقصة تحت الصدر ليخفي الجانبين البارزين أثناء موسم الصيف فتبدو أنيقة ورقيقة وتتقى في نفس الوقت شر الحر وتوابعه كالعرق وضيق الخلق.
كما يجب أن تضع في ذهنها أن الملابس قد صنعت لتزيد قوامها جمالا لا قبحًا وأنها يجب ألا تظهر عيوبه لمجرد رغبتها في الالتزام بالموضة فلا ترتدي مثلا (البلوزة القصيرة والبنتاكور) وهي ممتلئة وثقيلة الوزن ولكن يمكنها اختيار ما يخفي سمنتها كالتيشيرت الطويل وترتديه فوق بنطلون قطني خفيف بألوان جميلة قريبة من الطبيعة لبث الحيويَّة والرونق في المنزل.
والأناقة في الملبس لا تكتمل إلا إذا اقترنت بنظافة المرأة الشخصيَّة ورائحتها الذكيَّة فلا يجوز أن تظل مرتديةً لثوب تطهو به في المطبخ عند استقبال أسرتها لدي عودتهم من العمل والمدرسة كذلك تعتبر العناية بنظافة أطفالها وجمال مظهرهم جزءًا لا يتجزَّأ من اهتمامها بملبسها وبيتها، ويجب ألا تنسى الزوجة أن الشعر هو تاج المرأة فتعتني بتغذيته وصباغته حتى لو كانت محجبةً ولا يظهر منها إلا وجهها، فعنايتها بصحته وجماله وعدم ترك الشيب يغزوه يجعلها تتمتع بالشباب الدائم وبإعجاب زوجها, وأخيرًا تنصح الدكتورة منيب الأم بضرورة الاهتمام بمظهرها لأن الأبناء يرثون عادات الآباء ويقلدونهم في كل شيء فإذا كنتي راغبة في أن تكون ابنتك في أوج أناقتها وجمالها داخل وخارج البيت فابدئي بنفسك.
الزينة في فطرة المرأة
وتقول نجلاء محفوظ (خبيرة اجتماعيَّة): لا بدَّ أن يعلم الجميع أن الزينة من فطرة المرأة، لكن كيف ومتى تستخدمها، هذا هو المهم، فللأسف يغلب على أكثر السيدات التزين وهن خارجات لفرح أو لمناسبة ما، وفي المنزل يكن عاديات رغم أن الأصل هو التزين في المنزل للزوج وليس للخارج.
ودعت محفوظ المرأة لتعلم كافة خطوط الموضة والزينة وارتداءها في المنزل لزوجها، فهذا مطلوب منها وواجبها، كما أنه واجب الزوج أن يثني على ذلك كثيرًا ليرفع لها ثقتها في نفسها.
وبيَّنت محفوظ أن الشريعة جاءت ملبية لفطرة المرأة في حب الزينة والجمال وتحفظها في مسارها الصحيح بلا إفراط ولا تفريط، بل قد تكون في زينتها مأجورة كما في حديث: (وإذا نظر إليها سرَّته).
وأضافت: لهذا رخص للمرأة في موضوع الزينة أكثر مما رخص للرجل فأبيح لها الحرير والتحلي بالذهب دون الرجل، إلا أن هذه الزينة إذا فقدت مسارها الصحيح والاتجاه المرسوم صارت من أعظم أسباب الفتنة والفساد.
وطالبت محفوظ بألا تلام المرأة على حب الزينة، لأنه من فطرتها لكن مطلوب منها التعقل والاعتدال وترك الزينة الضارة المحرمة التي لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة وأرباب الفساد.
وأوضحت أن المرأة المسلمة إزاء زينتها بين حقيقة وواقع، فأما الحقيقة فالإسلام أحاطها بالستر والحفظ والعفاف سترًا في الملابس وتحريمًا للخلوة بالأجنبي وغضًّا للطرف، وقرارًا في المنزل، وبعدًا عن كل مظاهر الزينة عند خروجها من البيت لحاجتها، كل ذلك لتبقى المسلمة درةً مصونة لا تطمع فيها أعين الناظرين ولا أيدي العابثين.
وتأسفت على عدم فهم النساء لأصل الزينة، وتقول: إنه لم تعد كثير من النساء اليوم متقيدات بتعاليم الإسلام في موضوع الزينة، فهي لا تفهم إلا لغة الموضة والتقليد، سريعة التأثر بالدعايات التي تشجع على العري والملابس المثيرة، ووصفتها بأنها مسخ للمرأة وقضاء على عفتها وهتك لحرمتها.
وحذَّرت محفوظ النساء من الجري وراء إعلانات الموضة، واستشهدت بقول أحد أصحاب دور النشر التي تصدر 7 مجلات نسائية بعدة لغات: "لا بأس أن تفكر في استثمار مالك ولا وسيلة أسهل من الاستيلاء على ما في يد المرأة".
رفع معنويات المرأة
وتؤكد الدكتورة ريهام باهي (الخبيرة بشئون المرأة) أن زينة المرأة في المنزل هي من ترفع لها معنوياتها وتشعرها بثقة غير عادية بنفسها، مشيرةً إلى أنها بحسب عملها تسمع كثيرًا لرجال يشتكين نسائهن بأنهن يتزين فقط وهن خارجات من المنزل وأنهم يرون هذه الزينة مثل أي شخص عادي، لكن في المنزل تكون الزوجة بلا زينة وكأن هذا هو الطبيعي أن تتزين للخارج فقط.
وتضيف بأن الزوج دائمًا ما يبلغها بأنه تزوج فتاة جميلة أنيقة ذات رائحة ذكيَّة، لكن سرعان ما يتغير كل ذلك عقب الزواج، ولا يرى سوى امرأة روتينيَّة مشغولة بالتنظيف والأولاد والغسيل، أما هو ففي آخر اهتماماتها.
ولذلك تنصح باهي النساء بعدم ترك الأمور تصل بهن لهذه الدرجة، خاصة أن الإسلام يدعوهن للتزين لأزواجهن والتعطر والظهور دائمًا بشكل متجدد، لأن ذلك سيقصر عين زوجها عليها فقط، ويكسبها زوجًا محبًّا لها فرِحًا بها، وهذا بالطبع يدعوه لأن يحسن مع
املتها دائمًا ليكرس حياة سعيدة بينهما.